الجمعة، 2 سبتمبر 2011

شباب الثورة : هل هو قادر على استكمال مهامها ؟

شباب الثورة : هل هو قادر على استكمال مهامها ؟

    كان للشباب في تونس دور محوري وريادي في اندلاع ثورة الكرامة منذ ديسمبر 2010 وذلك بالمشاركة في كل التحركات الميدانية من تظاهر واعتصام وإضرابات أو بدفع الثورة على صفحات الفيسبوك متسلحا في ذلك بحماسه واندفاعه وشحنة التمرد والرفض التي كانت تلازمه منذ سنوات وكذلك بوعيه المستمر بضرورة الانعتاق والحرية. وقد كانت جموع الشباب على اختلاف درجاتها ومشاربها من تلاميذ وطلبة وعاطلين عن العمل ومهمشين وحتى مرتادي ملاعب كرة القدم ... تجمعهم نقاط التقاء تصب في خانة رفض النظام والسعي للوقوف ضده والإطاحة به وهذا ما تجسم في كل مدن وقرى البلاد ، جحافل من الشباب تنادي بإسقاط الدكتاتور وهو ما حصل يوم 14 جانفي
*   الحرية، الكرامة، الشغل مطالب ملحة ومشروعة :
   كان الشباب ورقة يلعبها النظام النوفمبري باستمرار الهدف منها تلميع صورته وطنيا واقليميا ودوليا معتبرا نفسه وصيا على مستقبل البلاد وأجيالها القادمة وكذلك تأطير هذه الفئة العمرية وترويضها لاامتصاص غضبها وإخماد الحركات الطلابية التلمذية والجماهيرية عامة لكن الغضب المتنامي في صفوف الشباب وتصدع أركان النظام وتآكله وتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية جعلت من هذا الشباب ينتفض وينادي بالكرامة والحرية والشغل والعدالة الاجتماعية
*  الوعي السياسي بوصلة الشباب :
   إن كل الصفات التي سبق ذكرها في الشباب تعد ايجابية وتمثل قوة قد تدفع الحركات الشعبية والثورية إلى الأمام. لكنها تبقى غير كافية إذا لم تقترن بوعي سياسي دقيق بمسائل جوهرية فالتفريق بين رأس النظام والنظام وبين رموزالفساد والاستبداد من جهة والمنظومة التي تحكمها من جهة أخرى والبوليس كشخص من جهة وكجهاز ومؤسسة من جهة أخرى... هي مسائل تتطلب حدا أدنى من الوعي السياسي، كما أن المعرفة بالقوانين التي تحكم الثورات أمر ضروري حتى لا تهتز ثقة الشباب بثورتهم وحتى لا تتكسر طموحاتهم عند أول اصطدام بجدار الثورة المضادة التي تقودها جيوب الردة وبقايا النظام ولعل الوعي بهذه المسائل شرط أساسي للنضال من أجل استكمال أهداف الثورة
*  الصدمة والانتكاسات دلالات الثورة المضادة :
   إن الكثير من الشباب كان يحلم بالشغل وبتحسين مستوى المعيشة وبزوال عديد المشاكل الاجتماعية في وقت وجيز وقياسي فإذا به يصطدم بتفاقم البطالة وبتدهور المقدرة الشرائية وغلاء الأسعار وبقمع البوليس من جديد ( الأحداث التي شهدتها عدة جهات في الأشهر الأخيرة ومنها جبنيانة خير مثال)... مما خلق في ذهنيته نوعا من الصدمة والانتكاسة زعزعت ثقته في " الثورة " فأصبحنا نسمع أحيانا "ما صورت شي من لثورة "،" الثورة فشلت..." وهي عبارات على بساطتها تحمل دلالات ضمنية ورمزية تؤشر الى نوع من السوداوية في النظر للمستقبل
   إن ما يغذي هذه الانطباعية هي المعوقات التي تضعها الثورة المضادة والألغام التي تزرعها أمام الشباب مستعينة في ذلك بأجهزتها الإعلامية والدعائية والأمنية... فهي توهم الرأي العام بأزمة اقتصادية قادمة وتصور كل الحركات الاحتجاجية المشروعة كحركات فوضوية وتخريبية وتقايض حرية المواطن بأمنه وتحاول زرع منظومات قيمية متخلفة ورجعية كالعروشية والعصبية القبلية ... وذلك لضرب الحراك الشعبي وامتصاص المد الثوري.
* الأخلاق الشيوعية والنضال ضد الحكومة الحالية هما الحل :
   إن هذه المعوقات الموضوعية التي تؤججها باستمرار قوى الثورة المضادة من بقايا النظام السياسي والمافيا الاقتصادية التي مازالت تسيطر على جل القطاعات الحيوية وبمباركة من الحكومة المؤقتة الحالية، إذا اقترنت بالتعبيرات القيمية الرأسمالية التي مازالت تميز جانبا من المجتمع التونسي كالفردانية والميل إلى الكسب السهل والاحتكار بالإضافة إلى الأنوميا الاجتماعية التي تنخر المجتمعات الرأسمالية كالانحراف والجنوح واستهلاك المخدرات تصبح خطرا يهدد الشباب التونسي الذي ساهم في الثورة وتفقده الأمل في محاولة استكمال مهامها.
   إن التحدي الكبير اليوم أمام كل القوى الثورية وفي طليعتها حزب العمال واتحاد الشباب الشيوعي التونسي هو تحويل هذه المعوقات إلى حوافز في ذهن الشباب للنضال ضدها وذلك بتغيير طبيعة الصراع من صراع ذاتي شخصي من أجل مصلحة خاصة إلى صراع موضوعي ضد الدكتاتورية ومنظومة الفساد من أجل
مشروع مجتمعي تقدمي وبديل. فلا بد من تأطير قدرات الشباب وحماسه ورفضه وتحويلها إلى نضال سياسي ممنهج ومنظم على قاعدة النضال المطلبي الشرعي من أجل الحرية والديمقراطية الشعبية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.
   إن الشرط الأساسي الذي يجب أن يتوفر حتى يستطيع الشباب الدفاع عن ثورته هو فرز القوى المعادية للثورة والمتمثلة في الحكومة المؤقتة وحلفائها من أحزاب التجمع المنحل وأحزاب اليمين الدينية منها والعلمانية التي تسعى إلى إعادة إنتاج النظام القديم والى إفراغ مطالب الشعب من محتواها وذلك بمصادرة حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالإضافة إلى ضرب الحركة الشعبية بالقمع البوليسي والإرهاب.                                                            
ماجـــد نعمـــان

0 التعليقات:

إرسال تعليق