الخميس، 1 سبتمبر 2011

إفتتاحية العدد 13 : الثورة الثانية تطل برأسها

الثورة الثانية تطل برأسها

كتبت صوت الشعب عندما كانت تصدر في السرية في العدد 285 شهر نوفمبر 2010 افتتاحية بعنوان " الحركة الاجتماعية تطل برأسها:هل هو النهوض؟" عرجت فيه على عدد من التحركات الاجتماعية و المطلبية التي شهدتها عديد المناطق في البلاد مثل بنقردان و الصخيرة  و بنعون و الرقاب و فسرت أسبابها التي تكاد أن تكون واحدة في كل الأماكن وهي الاحتجاج على البطالة و الفقر و غلاء المعيشة و تردي الخدمات الاجتماعية ( الصحة و التعليم و المحيط...)و تفشي الفساد و المحسوبية و الرشوة و الجهويات و الاعتداء على الحريات.و نبهت: "حتى لا تفاجئنا الأحداث، و لا تفاجئ الحركة الديمقراطية ككل، هو أن الاحتقان الاجتماعي قد يتطور و ينفجر في أية لحظة من اللحظات....." و بالرغم من أن التحركات بقيت مشتتة و لم تشمل كل المناطق " لكن هذا الوضع قد يتغير بسرعة ، لا لشيء لأن عوامل الانفجار تتكاثر و عودنا الشعب التونسي خلال العقود الأخيرة و حتى قبلها أن صبره له حدود".و دعت الافتتاحية كل القوى الثورية و الديمقراطية لتحمل مسؤولياتها و تطوير قاعدتها الشعبية و الإقلاع عن الحسابات الفئوية الضيقة  و ذلك بتبني مطالب العمال والفئات  المفقرة و الطلاب و المعطلين عن العمل...و إيجاد أفق لتحركاتهم و نضالاتهم حتى تتحول إلى حركة تغيير عامة و شاملة "من أجل إقامة نظام ديمقراطي حقيقي لا في اختياراته السياسية فحسب بل كذلك في اختياراته الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية.ما كتب خلال تلك الفترة والتي تميزت بالسيطرة الكاملة للدكتاتورية على كافة مفاصل الحياة العامة ينسحب على هذه الفترة وهي بداية نفاذ صبر الشعب التونسي و خروجه للشارع و الذي سيكون الفيصل في الصراع ضد حكومة السبسي و بقايا الدكتاتورية و الفساد.
فقد سقط الجنرال رمز الفساد و الاستبداد و لكن لم تسقط زبانيته و مؤسساته بل وجدت الصدر الرحب و الفضاء الأمثل    لنشاطها داخل حكومة الغنوشي ثم حكومة السبسي  و داخل بعض الأحزاب التي سرعان ما ارتمت في أحضان بقايا الدكتاتورية و الأحزاب التي تفرّخت عن التجمع بعد قرار حله و الأحزاب الكرتونية التي تآمرت على الشعب و مثلت دور الديكور خلال فترة حكم بنعلي.و لئن كانت استقالة الغنوشي التي فرضها الشعب من خلال الاعتصامات المفتوحة و التحركات الجماهيرية انتصارا للشعب التونسي و  خطوة هامة في نضاله من أجل التخلص من الدكتاتورية فقد تم الالتفاف عليها من خلال تنصيب رجل لم يكن له أي دور في الثورة وهو الباجي قايد السبسي الذي واصل نفس نهج سلفه من خلال رفض الاستجابة لمطالب الشعب وهي استقلالية القضاء و محاسبة القتلة و المجرمين أمرا و تنفيذا و محاسبة رموز الفساد و تطهير الإدارة و الإعلام و محاسبة المتسببين في الاعتداء على الأملاك الخاصة و العامة و إلغاء تراخيص الأحزاب المتفرعة عن التجمع و الحل الفعلي للبوليس السياسي و التخفيض في الأسعار والحق في الشغل ....بل واجهت كل هذه المطالب بالقمع و نشر الميليشيات و أعوان البوليس السياسي  لتخريب النضالات و إدخالها في الفوضى و آخرها القمع الوحشي الذي تعرض له المحامون و الشباب و النقابيين في مسيرة يوم 15 أوت 2011 بتونس العاصمة في حين لم تتعرض المسيرة التي نظمتها البيروقراطية النقابية بمعية بعض الأحزاب الموالية للحكومة للاعتداء و ذلك لأنها لم تخرج عن الخط الأحمر الذي رسمته القوى المضادة للثورة وهو إسقاط حكومة السبسياللاشرعية و كامل منظومة الفساد برمتها.ان الشعارات التي رفعتها مسيرة النقابيين و الشباب و المحامين مثل   " الشعب يريد إسقاط النظام" و " الشعب يريد ثورة من جديد" " يا سبسي يا عميل هز كلابك و أستقيل" هي كلها شعارات تترجم رغبة الشعب التونسي في اجتثاث الدكتاتورية و مؤسساتها. و قد رد السبسي على هذه التحركات في خطابه يوم الخميس 18 أوت من خلال التنصل من المسؤولية و من خلال التبرير بدعوى أن هذه الحكومة مؤقتة في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب قرارات ملموسة بخصوص الملفات الرئيسية التي تحرك من أجلها في المدة الأخيرة في أغلب مناطق البلاد.و قد تجنب السبسي اتخاذ أية إجراءات ملموسة ضد العصابات التي تعيث فسادا في البلاد و التي مازالت تمسك بكافة دواليب الدولة ورمى الكرة إلى مؤسسات أخرى مثل الهيئة العليا و جمعية القضاة و هذا يكشف أن هذه الحكومة الغير شرعية غير جادة في الاستجابة إلى مطالب الشعب وهي تسعى جاهدة بمعية الأحزاب الموالية لها و التي كانت معارضة لبنعلي  إلى امتصاص غضب الشارع و البحث عن شرعية مفقودة.
إن الشعب التونسي لم يستشر و لن يستشير أحدا عند الخروج إلى الشارع و على القوى الثورية أن تكون مستعدة لالتقاط اللحظة المناسبة و تحويلها إلى حركة تغيير تطيح نهائيا بالدكتاتورية و لا يكون ذلك إلا بتكتيل صفوفها و تجاوز خلافاتها و التوحد حول برنامج سياسي و اقتصادي و اجتماعي نابع  من ثورة هذا الشعب.ان بوصلة لا تشير إلى الإطاحة ببقايا الدكتاتورية هي بوصلة مشبوهة لأن قوى الثورة المضادة مازالت متمسكة بمصالحها و ليست مستعدة للتنازل عنها بدون دماء و تضحيات و إذا تأخر الثوريون عن مساندة مطالب الشعب و لعب دور القيادة ميدانيا و سياسيا فان الرجعية سوف تلتف حتى على التنازلات التي قدمتها بعد الثورة 17 ديسمبر التي أطاحت بالجنرال بنعلي وهي الحرية السياسية و بعض المكاسب الاجتماعية الجزئية.
                  

0 التعليقات:

إرسال تعليق