الجمعة، 25 نوفمبر 2011

افتتاحية العـــ 16 ــــدد

هل تلتفت الحكومة الجديدة لجبنيانة؟

أيام معدودات تفصلنا على الذكرى الأولى لاندلاع ثورة 17 ديسمبر المجيدة و التي أطاحت بأعتى الدكتاتوريات في العالم في أقل من شهر و أدت في النهاية الى هروب الجنرال بنعلي و القبض على بعض من عصابته المافيوزية.و لكن لسائل أن يسأل ماذا حققت الثورة لمنطقة منسية ومهمشة و مفقرة و مناضلة مثل جبنيانة؟؟
لقد أهدت جبنيانة خيرة شبابها لإسناد نضالات الشعب التونسي سواء في عهد الدكتاتور الراحل بورقيبة أو في عهد الجنرال المخلوع بنعلي و دفعت ثمن ذلك فقرا و تهميشا و قمعا و حصارا و سجونا.و يتساءل أهالي المدينة الشرفاء الذين دفعوا الغالي و النفيس من أجل مقاومة الطغيان قبل الثورة و التصدي لعصابات النهب و الفساد بعد الثورة ماذا نالوا بعد تلك الأيام العصيبة من الرصاص و الغاز المسيل للدموع و مداهمة المنازل و المقاهي و المعاهد؟ هل تحقق حلمهم في تنمية عادلة و متوازنة؟ هل أن مطلبهم في العيش الكريم أصبح واقعا؟ هل قامت سلطة ما بعد الثورة بمشاريع ناجعة تستوعب المعطلين عن العمل؟ هل تم النهوض بالقطاع الفلاحي و تطوير إنتاجيته؟ هل تم تحسين وضعية البحارة و الفلاحين الفقراء بإسنادهم قروضا لكي يتجاوزوا حالة الإفلاس؟
في الواقع لم يتحقق شيء من هذه المطالب و بالعكس واصلت حكومة الغنوشي و من بعدها حكومة السبسي نفس البرامج و التوجهات و أهدت للمدينة بضع دفاتر علاج مجانية و عشرات من منح تحسين المسكن و مواطن شغل وقتية عن طريق ما يسمى بالحظيرة. والأدهى و الأمر أن كل المسؤولين الذين تعاقبوا على المدينة لم يعطوا شيئا للمواطنين المرابطين يوميا أمام معتمدية المكان سوى بعض الوعود الزائفة و كذلك والي صفاقس الذي تجاهل مقترحات اتحاد المعطلين عن العمل و بعض مكونات المجتمع المدني و لم نسمع منه غير "يا فلان قيد عندك""تو نتصلو بيكم" و بعض العبارات التي تشي باصطفافه وراء حكومة غير شرعية لا تعرف إلا تلقين بيع الكلام لممثليها في الجهات و المناطق المحرومة.
و بعد أن باحت صناديق الاقتراع بأسرارها في أول انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد منذ ما يسمى بالاستقلال ينتظر أهالي جبنيانة تحقيق مطالبهم: الشغل و التنمية العادلة و العيش الكريم وهي مطالب مشروعة لأن الثورة قامت من أجل تحقيقها و كذلك  بالنظر إلى وضعية هذه المدينة التي حرم أهاليها من كل حقوقهم بصفة ممنهجة و مدروسة منذ الاستعمار الفرنسي.و بقطع النظر عن ملابسات تشكيل الحكومة الجديدة و تركيز الأطراف الفائزة في الانتخابات على اقتسام الكراسي عوض التركيز على البرامج و الحلول للملفات المتراكمة فان كل المناطق المهمشة تنتظر تحقيق المطالب التي انتظرتها طويلا ووجدت صداها في برامج الأحزاب التي فازت بأغلبية المقاعد في المجلي التأسيسي.و كذلك بقطع النظر عن التصريحات التي أدلت بها بعض الأطراف الفائزة في الانتخابات مباشرة بعد الإعلان عن النتائج والتي  يستنتج منها منطقيا أنها ستواصل نفس الخيارات التي أنتجت التهميش و الفقر و تدهور المقدرة الشرائية و تدني الخدمات الاجتماعية مثل الصحة و التعليم فان الحكومة الجديدة وأي حكومة جديدة شرعية أتت بها ثورة  مطالبة بتحقيق ما حرمت منه هذه المدينة المناضلة و لا نظن أن أهالي جبنيانة سيقبلون بأقل من هذه المطالب الآنية و العاجلة.
أولا توفير الأمن للمواطنين ليلا و نهارا و القضاء على كافة جيوب الفساد و كل العصابات التي تتربص بالثورة و كذلك ضرورة حماية موسم جني  الزيتون نظرا لأنه المورد الرئيسي لأهالي المدينة و أريافها و ذلك   بدون مقايضة الأمن بالحرية و بدون اعتقالات عشوائية مع ضمان محاكمة عادلة لكل من تثبت إدانته و هذا المطلب هو متناغم مع مطلب الشعب التونسي في إصلاح المنظومة  القضائية والأمنية و تطهير وزارة الداخلية من القتلة و المجرمين و محاسبتهم.
 ثانيا توفير الشغل القار لمستحقيه و إلغاء العمل بالآليات التي أنتجها نظام بنعلي و ذلك بإحداث مناطق صناعية مندمجة مرتبطة بالنشاط الاقتصادي الموجود في المدينة و إحداث سوق جملة خاص بالمدينة  و هذه المشاريع قادرة على انتشال الآلاف من البطالة و الترفيع في  منح تعويض على البطالة لكل المعطلين من أصحاب الشهائد و غيرهم مع ضمان الشفافية و الأخذ بعين الاعتبار السن و سنة التخرج و الحالة الاجتماعية في الانتداب .
ثالثا تطوير الإدارات العمومية و مزيد  توسيعها و تعصيرها لتشغيل المعطلين من أصحاب الشهائد مع إنشاء إدارات أخرى حرمت منها المدينة مثل إدارة لاستغلال و توزيع المياه.
رابعا تحسين البنية التحتية و تطويرها و توفير خدمات بلدية ناجعة و سريعة للمواطنين و ذلك بالترفيع في ميزانية البلدية.
خامسا توفير المسكن اللائق في جبنيانة و الأرياف  لمن يستحقه و إسناد منح مقبولة للفقراء تمكنهم من تحسين مساكنهم أو اقتناء مساكن جديدة بقروض ميسرة.
سادسا تطوير الخدمات الصحية و توفير طب الاختصاص و الأدوية و التجهيزات الطبية و انتداب الممرضين المعطلين عن العمل و ترسيم كافة أعوان التنظيف و الحراسة.

سابعا إلغاء خطة المعتمد و العمدة و التسريع بالدعوة إلى انتخاب مجلس محلي تعددي  يسهر على إدارة الشؤون اليومية للمواطنين مع منحه ميزانية خاصة و حرية التصرف.
ثامنا إلغاء ديون صغار الفلاحين و البحارة و تمكينهم من حوافز مالية لاقتناء معدات جديدة و تطوير انتاجيتهم.
تاسعا الاهتمام بأرياف جبنيانة و تمكينها من نصيبها في التنمية و انجاز مشاريع قادرة على انتشال الشباب من البطالة.
عاشرا ترسيم كل الأعوان الوقتيين الذين يشتغلون في الحراسة أو في التنظيف و إلغاء العمل بالمناولة.
إن كل هذه المطالب مطالب مشروعة و عاجلة و قادرة على استرداد و لو جزء بسيط مما أهدته مدينة جبنيانة للمساهمة في الإطاحة بالدكتاتورية و الفساد و المساهمة في بناء جمهورية ديمقراطية عصرية وهي كذلك مطالب ناضلت من أجلها أجيال منذ "الاستقلال" و دفعت ثمن ذلك و مازالت مستعدة للنضال بلا هوادة في سبيل تحقيقها. 

0 التعليقات:

إرسال تعليق