الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

إفتتاحية العدد 14 : حزب العمال:عين على الشارع و عين على المجلس التأسيسي


حزب العمال:عين على الشارع و عين على المجلس التأسيسي
لا شك أن المجلس التأسيسي هو من ضمن الآليات التي ستحقق القطع النهائي مع منظومة الدكتاتورية و الفساد باعتباره سيضع أسس النظام السياسي المنشود و منظومة القوانين التي ستسير البلاد   لكن لا يجب في نفس الوقت أن نكون واهمين أن هذا المجلس سيكون العصا السحرية التي ستحقق سيادة الشعب و ستضمن له الحرية و الكرامة.فمن لديه ولو اطلاع بسيط على تجارب الشعوب سوف يستنتج أن كتابة دستور جديد و قوانين جديدة لم تمنع الطبقات التي أمسكت بزمام السلطة من التراجع عن تلك المكتسبات و الانقلاب على الدساتير و إفراغها من محتواها و تحويرها خدمة لمصالح عصابات المال و النفوذ.

قبل الثورة كان حزب العمال الشيوعي التونسي من ضمن المقاطعين للانتخابات التي كان ينظمها بنعلي باعتبار أن المناخ السياسي الموجود و الذي تميز بالقمع و مصادرة الحريات و إشراف وزارة الداخلية على تحديد المتنافسين لا يسمح بانتخابات حرة و نزيهة و ديمقراطية، و الآن تغيرت المعطيات بصفة نسبية فبعد ثورة 14 جانفي أصبح هناك حد أدنى لخوض انتخابات المجلس التأسيسي يتمثل في حرية التنظم و الحرية السياسية بما تضمنه من اجتماعات و اتصال بالجماهير و خوض التحركات لذلك قرر حزب العمال المشاركة في هذه المحطة  مع تأكيده أن الظروف التي تضمن انتخابات حرة و شفافة مازالت غائبة و نعني هنا  تطهير القضاء و الإدارة و محاسبة المجرمين و رموز الفساد و تحرير الإعلام. إن خوض معركة المجلس التأسيسي لا يجب أن تحجب عنا تطلعات الشعب التونسي و رغبته التي تزداد يوما بعد يوم في الإطاحة نهائيا بالدكتاتورية قوانينا و مؤسسات و تشريعات و رموز فساد و التي تمثل حكومة السبسي و بعض الأحزاب المتسلقة القديمة و الجديدة و أحزاب التجمع الجديدة  رأس حربتها.

و لا شك أنه يجب تحويل هذه الانتخابات إلى لحظة ثورية وسد الباب أمام القوى المضادة للثورة التي تريد أن تزور إرادة الشعب بأساليب جديدة مثل المال السياسي و الإعانات لكن يجب أن يضاف إليها مواصلة التحركات الميدانية إلى جانب الشباب و جماهير الشعب و القوى المنحازة للثورة من أجل الإطاحة ببقايا النظام و يجب على كل القوى الثورية و التقدمية سواء شاركت في قوائم الجمعية التأسيسية  في قوائم موحدة أو فردية  أن توحد صفوفها حول برنامج اقتصادي و سياسي و اجتماعي يمثل الحد الأدنى المتناغم مع تطلعات الشعب التونسي يمكنها من خوض الانتخابات بنجاح و يمكنها كذلك من تنظيم صفوف الشعب التونسي من أجل خوض المعركة النهائية  ضد قوى الثورة المضادة و بقية الأطراف التي تهادنها. إن تصفية الدكتاتورية و بقايا التجمع و القضاء على الاستبداد نهائيا لا يمكن بأي حل من الأحوال أن تفرضه انتخابات المجلس التأسيسي بل العامل الأساسي و المحدد لانجاز هده المهام هو الاحتجاجات السلمية و الشعبية و الفعل الثوري للجماهير لأنه لا أحد بإمكانه ضمان أن المجلس التأسيسي سوف يعطي السلطة للشعب و يستجيب إلى المبادئ التي قامت من أجلها الثورة.فجوهر الثورة لا يمكن اختزاله في الحرية السياسية بل في العدالة الاجتماعية و الكرامة الوطنية و حق الشعب التونسي في التصرف في ثروات البلاد وفي بناء اقتصاد وطني يقطع مع دوائر النهب العالمية و حقه كذلك في كل المرافق التي تضمن الحياة الكريمة ( الحق في الشغل و التعليم المجاني و الصحة المجانية و المسكن اللائق..) و في كلمة الطموحات الاقتصادية و الاجتماعية للطبقات الشعبية التي كانت و ستكون محرك الثورة و العامل الحاسم في نجاحها.إن نهوض الجماهير المفقرة في المناطق الداخلية المحرومة و في الأحياء الشعبية لم يكن فقط  بسبب دكتاتورية بنعلي و الطرابلسية و غياب الحريات بل بسبب الكوارث الاجتماعية مثل البطالة و الفقر و تدهور  الخدمات الاجتماعية و غلاء المعيشة و التي أفرزتها توجهات ليبيرالية و لا شعبية ساهم في صياغتها البنك الدولي و منظمة التجارة العالمية و في تنفيذها نظام بنعلي و الذي مازالت بقاياه و الأحزاب الملتفة حولها تواصل إتباع نفس التعليمات من خلال مزيد إغراق البلاد في الديون و تجاهل مطالب الشعب و المحافظة على سيطرتها على  المؤسسات الإستراتيجية و الحيوية. إن البوصلة التي يجب أن تقود كل الأطراف المنحازة للثورة هي المطالب الأساسية للشعب من خلال مواصلة تنظيم الجماهير و قيادتها و خوض النضالات الميدانية السلمية لأنه ليس بمقدور  أي طرف من الأطراف الليبيرالية أو الإسلامية تغيير الواقع الاقتصادي و الاجتماعي للشعب التونسي  تغييرا جذريا بل نجد هذه الأطراف تبرر السلوك المعادي للحكومة تجاه تطلعات التونسيين و فشلها في تحقيق أي إصلاح اقتصادي و اجتماعي من شأنه التخفيف من واقع البطالة و الفقر و التفاوت في توزيع الثروة.وهي تمثل الآن البدائل الحزبية التي ستعتمد عليها مافيا المال و البورجوازية المحلية الكبيرة و الرأسمالية العالمية- و التي كانت السند الاجتماعي لنظام الفساد و الاستبداد-   في  الحفاظ على مصالحها و سلطتها على مفاصل الاقتصاد و السياسة ولو ببعض الترقيعات و الرتوش. و حتى إذا تمكنت هذه الأطراف من الفوز بغالبية مقاعد المجلس التأسيسي فسوف تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الشعب التونسي وقواه الثورية لأنها ستخفق في الاستجابة لمطالبه الأساسية حتى و إن حققت بعض الإصلاحات الجزئية.

      

0 التعليقات:

إرسال تعليق